السلام عليكم ورحمة اللله و بركاته
التاريخ الوافي لمدينة زريبة الوادي وعلمائها زريبة وادي العرب ؛ تقع في الجهة الشرقية من مدينة بسكرة وتبعد عنها بحوالي 80 كلم ،
وقد أُسست منذ 13 قرنا تقريبا على الحافة الغربية من واد سمي باسم ( وادي العرب )،
وحديثنا في هذا الموقف ينصب على زريبة وادي العرب الأثرية التاريخية الأصيلة ،
ونقصد بذلك البناءات القديمة التي كانت تحتضن أربعة أحياء مشهورة عبر التاريخ
( حي الشطر ، حي زقاق الحمران ، حي صبرة ، حي باب الصور ).
ولقد كان أهلنا في هذه الأحياء العتيقة يكتسبون أرزاقهم من مصادر مختلفة ومشروعة :
حرث الأراضي الخصبة وزراعتها بالحبوب في وطني (ريان والغنامية) وغراسة أجنة
من النخيل والأشجار ، والاستعانة بالفلاحة الموسمية على حافتي وادي قشطان ووادي
العرب ، وقد نعتت هذه الأجنة والمزارع بأسماء متنوعة منها(الأبداع ، الغار الأسود ،
ولجة النيلة ، ولجة الجرارة ، ولجة الجرعة ، الأهواد الأطلاع ، البساتين ، ولجة اطوال
، ولجة بن جبل ، ولجة بوعون ...).
وهناك مصادر أخرى للرزق منها تربية المواشي والتجارة وبعض الحرف اليدوية
والصناعات التقليدية .
ولا يمكن أن نسلم بأن أهلنا كان تفكيرهم ونشاطهم منحصرا في البحث عن سبل العيش
وكيفية الحصول عليه من خفايا الطبيعة فقط ؛ بل تعداه إلى الاهتمام بالعلم والثقافة والسياسة
لإشباع الجانب الروحي ، وهكذا أصبح اعتناؤهم بالغذاء البدني يتماشى مع اعتنائهم بالغذاء
الروحي ، حيث أسسوا المساجد والجوامع والمصليات ، نذكر من بينها(مسجذ الشطر ؛
مسجد سيدي مسعود ، مسجد سيدي عامر ، جامع باب الصور ، مصلى الخلوة ..)وبعضها
مازال قائما بذاته ، أو بأطلاله ، أو أجريت عليه بعض التعديلات الضرورية ، وقد نهل من
تلك المنابع الأصيلة كثير من العلماء والأدباء والفقهاء وحفاظ القرآن الكريم والسياسيين ،
الذين يصعب حصرهم والتنويه بأفضالهم على الأجيال المتعاقبة ، ونذكر من بينهم على سبيل
التمثيل Sad الشيخ المولود الزريبي ، الشيخ الجموعي ، الشيخ عمار بلبسكري الشيخ الصادق ،
الشيخ عبد القادر ، الشيخ عبد الرحمن ، الشيخ محمد الصغير الشيخ محمد الصادق ، الشيخ
ابراهيم بن الذوادي ، الشيخ عمار بن عيسى ، الشيخ الشهيد بادي مكي ، الشيخ الشهيد محمد
بلكيبران ، الشيخ الشهيد العلواني بلحاج الشيخ الشهيد محمد بلحاج الصادق ، الشيخ الشهيد
الجموعي بن خليفة بن ناجي الشيخ عبد الله بن خليفة بلقاسمي ، الشيخ مسعود بلوصيف ، الشيخ
المازوزي الشيخ عبد الحفيظ بن جدو ، الشيع مولود بن امحمد الشيخ مصطفى ، الشيخ بلقاسم
بلوصيف ، الشيخ لزهاري ، الشيخ شرقي الجموعي ، الشيخ مولود بن عمران ، الشيخ العمروسي،
الشيخ بلعزية ، الشيخ أحمد بلبشير ...)وغيرهم كثير مما يستدعي بحثا مطولا للإحصاء والتصنيف
والوقوف عند كل شخصية ومحاولة الإلمام بالترجمة لها وإعطائها حقها في البذل والعطاء على
فترة مسيرة حياتها .
ولقد عرفت زريبة وادي العرب منذ القديم ولا تزال بموقعها المتميز الذي يمثل نقطة تواصل بين
الاتجاهات المختلفة سواء قبل الثورة أو أثناءها أو بعدها ، فهي ملجأ لكل مظلوم ، ونصرة لكل
مهزوم ، وفرجة لكل مكروب ، ومأوى لكل متشرد وجائع ومحروم ، ولا يتوانى أهلنا باستمرار
يبذلون طاقاتهم من الإيثار حصونا تحمي القادمين والعابرين واللاجئين والمقيمين من كيد الكائدين
إلا الذين لم يحترموا الملح ولم يقدروا العشرة ، ويتصرفون بخيانة وطبع لئيم يكون جزاؤهم وخيما
والرد على جرمهم أليما ،لذلك صار الإستدمار أثناء الثورة وقبلها يحسب لهم الحسابات ويتخوف
من ردود أقوالهم المرفقة بالأفعال ، وهكذا جعل الإستدماريون حركة الناس مقيدة ومحدودة ،
ونشاطاتهم محظورة ومشدودة ، لمحاولة السيطرة على الأوضاع ، وما زاد الأمر اشتدادا بالخصوص
هو اندلاع الثورة التحريرية في 1954 م وهم متيقنون أن زريبة وادي العرب هي الممون الرئيس
للثورة في جبال الأوراس ، بالتعاون مع القرى التابعة لها متاخمة ، أو مصادقة أو محالفة بالروابط الثورية.
وبذلك ازدادت تمكنا وازداد الإستدمار يقينا بأنها منبع ثوري متدفق بدون انقطاع ، ومعبر
ممتد بدون انصياع ، وكثر الضحايا وامتلأت بهم المقابر والسجون والمعتقلات والمحتشدات والساحات
، وتفنن الأعداء في التقتيل والتمثيل والتعذيب والتشريد وذلك ما جعل أهلنا يصرون على رفض العدو
ومواجهته بشتى الطرق والأساليب ، فكثر المخلصون وتوالت جموع الشهداء صغارا وكبارا رجالا
ونساء ، وتعددت العمليات الفدائية والمعارك والمناهضات الفردية والجماعية .
[/[center]center]